زيت الزيتون هي الزيت الوحيدة التي يمكن أن تستخرج بطرق طبيعية وسليمة، من حيث تعتمد على العصر والتحثيل وهي عمليات لا تمس جودة الزيت ولا تسبب أي خطر كيماوي. على عكس الزيوت النباتية الأخرى التي تعتمد على استعملا بعض المحاليل لاستخراج الزيت وأشهر هذه المحاليل هو محلول الهيكزان. ويتبع هذا الاسخراج عمليات أخرى لتصفية الزيت ومنها إزالة المواد العالقة والمواد الملونة والحمضيات الحرة وكل هذه السلسلة من العمليات التكنولوجية لجعل الزيت باللون العادي الشفاف وبدون حموضة مرتفعة ولا تتجمد تحت البرودة وما إلى ذلك.
والأساليب الحديثة المستعملة لاستخراج زيت الزيتون أصبحت تعتمد على تصفية زيت الزيتون Refining، وهو أسلوب غير صائب بالنسبة لهذا الزيت، لأن التصفية والتكرير يجب أن يطبق على زيوت أخرى، كالزيوت النباتية من الصويا والفول السوداني ونوار الشمس وما إلى ذلك، لكن زيت الزيتون يجب أن لا يصفى حتى لا تضيع المكونات الصحية. وزيت الزيتون ليست مادة غذائية صرفة بل مادة طبية أيضا والقسط الطبي يتمثل في المركبات الكيماوية التي يزيلها الأسلوب الحديث بالطرد المحوري والتصفية.
فهذا النهج جاء تحت ستار التقدم العلمي، وبذريعة تحسين المنتوج والتحكم في الصناعة، لكن سرعان ما تبين أن الحقيقة غير ذلك، خصوصا مع التحول الواقع الآن في هذا الميدان، والقاضي بالرجوع إلى المواد الطبيعية. فجل الأساليب الصناعية المستعملة في البلدان العربية مستوردة وليست المعدات فحسب وإنما الفكر والأسلوب كذلك. ونكاد نأتي على خطأ جل هذه الأساليب من الطحين الذي أصبح يغربل إلى الزيتون والمنتوجات الحيوانية والبحرية والنباتية. فنخشى أن نكون انزلقنا إلى الأخذ بمفاهيم خاطئة من الناحية العلمية، ونوصي كل الباحثين المسلمين أن يبينوا بعض القواعد الغذائية الإسلامية ولا ينجذبوا بظاهر البحث العلمي الغربي فجله موضوع ليستجيب لحاجيات مجتمعات أخرى. ويظهر جليا أن الباحثين المسلمين أصبحوا يتعاملون مع البحث العلمي بنفس الطريقة التي يتعامل بها العالم الغربي، ولا يدركون أنهم يسيروا في نفس الاتجاه الذي يسير فيه هؤلاء. وكان ذلك نتيجة العقدة التي ترتبت عند كل أو جل الباحثين من البلدان الاسلامية الذين تكونوا في البلدان الغربية فأصبحوا يؤمنون بالعلوم بطريقة عمياء، ولا يزال كثير منهم يؤمن بهذه العلوم التي تسقط كل يوم والتي تتلاشى كل يوم. فالتقنيات التي نهجها الغرب في الإنتاج كلها طرق خاطئة، وكل التقنيات المستعملة الآن في الميدان الغذائي لا تخلو من الخطر، ومعالجة الزيتون بالصودا الكاوية يعتبر كارثة وليس أسلوب صناعي، بل حتى استخراج الزيت باستعمال الطرد المحوري يعتبر ضياع كبير، ورمي مياه اعتصار الزيتون مع النفايات السائلة تخلف وجهل لأن هذا المكون يجب أن يستهلك ويجب علينا أن نعيد النظر في هذه الأشياء وإلا ضحك علينا التاريخ لأن الأجيال المقبلة ستعود للطبيعة، ومع ذلك فكل الدول المنتجة للزيتون تشتكي من ماء اعتصار الزيتون وتحسب له ألف حساب لأنها تعتبره ملوثا للمياه.
فالزيتون أصبح يعالج بالصودا قبل تخمره، وربما لا يخمر، والمعالجة بالصودا تهدم البوليفينولات، ومنها مكون الأولوروبيين Oleuropein النافع، وقد جاءت هذه التقنيات لإزالة المرورة، وهناك العديد من المكونات الأخرى التي تهدمها الصودا، فأصبح الزيتون لا ينفع صحيا، وقد يكون خطيرا إذا ما لم يتمكن الصناع من إزالة الصودا من حبوب الزيتون نهائيا، وقد يصعب ذلك أو يستحيل. وإذا أزلنا مكون الألوروبيين فالزيتون لا يصلح لشيء لأنه أصبح تبنا أو أقل من ذلك. ومادة الألوروبيين إلى جانب مواد صابغة أخرى هي التي يتكلم عنها القرآن بالقول وصبغ للآكلين، فهل يقدر عالم أو باحث على نصح الناس باستهلاك هذه المادة؟ وهل سيجرؤ أي شخص على القول بذلك؟ فالدول الغربية تعتبر أن هذه المياه جد ملوثة ولا يجوز ولا يصح استهلاكها والله سبحانه وتعالى يقول أن هذا الماء للآكلين، ترى هل نصدق البشر وعلومه أم نصدق الخالق ووحييه؟ وهذا هو الإعجاز بالمعنى الحقيقي لأنه يطرح الواقع ويتحداه، وربما اقتنع علماء الغرب ولن يقتنع علماء العرب.
الفوائد الصحية
أما فيما يخص بعض الأبحاث التي أجريت حول شجرة الزيتون كنبات طبي، فتركزت كلها تقريبا حول أوراق الزيتون لأنها أغنى من الزيت ومن الزيتون فيما يخص بعض المكونات (جدول رقم 1)، وأشهرها حمض الإلينوليك، وهناك ما يزيد على 23 شركة، التي أصبحت تعرض هذا المنتوج في قارورات زجاجية كمنتوج صيدلي طبيعي. وكثرت الإشاعات حول طريقة الحصول على إلينوليت الكالسيوم Calcium Elenolate من حيث أن كل شركة تزعم أنها تتوفر على الطريقة الصحيحة لتهيئ إلينوليت الكالسيوم. لكن رغم هذا التهافت التجاري على مواد الزيتون، فإن الحقيقة الثابتة هي أن أوراق الزيتون تحتوي على مواد نافعة جدا، وقد تشفي من عدة أمراض، ولا يمكن أن نذكر كل الحالات التي تمت معالجتها بمستخلص أوراق الزيتون، ومنها خفض الضغط الدموي وخفض الكوليسترول في الدم، وكبح السرطان. ولهذه المواد قوة عالية في كبح الباكتيريا المقاومة للمضادات، وكبح الفايروسات والخمائر والفطريات، ولها كذلك قوة في تفادي كل الأعراض المتعلقة بأمراض القلب والشرايين.
وننصح باستهلاك زيت الزيتون بكثرة بالنسبة للمصابين بالسرطان وارتفاع الضغط والسكري وأمراض القلب والشرايين. وبالنسبة للأشخاص المصابين بالسرطان والموضوعين تحت العلاج الكيماوي أو بالأشعة عليهم أن يكثروا من استهلاك زيت الزيتون للحد من تسمم الجسم من جراء هذه الطرق. ونلاحظ أن الأباء والأمهات لا يعطون الأطفال زيت الزيتون بينما يشجعونهم على استهلاك بعض المواد الدهنية الأخرى كالأجبان. وزيت الزيتون من المواد الضرورية للطفل منذ الولادة، وتساعد على النمو وضبط طاقة الجسم بتزويده بالحمضيات الدهنية ذات الطاقة المرتفعة.
وحسب بعض الباحثين فقد أظهرت أوراق الزيتون نتيجة عالية في شفاء داء المفاصل والروماتيزمات وإصابة الشعر والأظافر والجلد وتسوس الأسنان. وكل هذه المزايا الصحية موجودة في هذه الشجرة المباركة، وقد نستفيد من ثمار الزيتون دون اللجوء إلى الأوراق، لكن يجب أن تستهلك طبيعيا، ويمكن أن نستفيد كذلك من زيت الزيتون لكن دون معالجة قبل عصرها ودون تصفية الزيت بل يكفي التحثيل الطبيعي وليس عن طريق الطرد المحوري الذي أصبح هو المستعمل في جل الدول العربية المنتجة للزيتون، وكل هذه المعدات يجب تفاديها لتبقى جودة الزيتون الصحية عالية ولألا يفقد هذا المنتوج المكونات التي خلقه الله من أجلها.
ليس من الممكن حصر كل الأبحاث التي أجريت على ثمار الزيتون فيما يخص الاستشفاء والفوائد الصحية والطبية، لكن سنحاول تطويق الموضوع بإحالة القارئ على المنشورات العلمية بعد عرضها وبيان موضوعها.
كل الأبحاث التي أجريت على خفض الكوليسترول الدموي عن طريق تناول زيت الزيتون، بينت أهمية تفادي الإصابات المتعلقة بالقلب والشرايين، وأهم مكون في زيت الزيتون هو حمض الأولييك. وهناك علاقة كبيرة كذلك لهذه الإصابات أو للكوليسترول مع أمراض أخرى كالسكري وارتفاع الضغط والسمنة.والثابت حول دور زيت الزيتون في خفض الكوليسترول الدموي، أن الأحماض الغير المشبعة الموجودة في زيت الزيتون خصوصا حمض الأولييك، وكذلك الفيتامينات والبوليفينولات التي يحتوي عليها زيت الزيتون، وكل هذه المواد تقي الليبوبروتينات الثقيلة LDL من التأكسد.
لا شك أن دور زيت الزيتون في الحد من الإصابة بأمراض القلب والشرايين، أصبح جليا ولا مجال لذكر الأبحاث العديدة التي أجريت في هذا الصدد وقد توصل بعض الباحثين إلى ملاحظة بعض الأحداث التي أدت بهم إلى تناول هذا الموضوع ضمن الأبحاث المهتمة بالأغذية الصحية أو الجانب الحميوي Dietetic لبعض المركبات، وكان على رأس هذه الملاحظات والاستنتاجات:
1.أن سكان حوض البحر الأبيض المتوسط لا يصابون بأمراض القلب والشرايين، ويقل السرطان كذلك في هذه المنطقة، ويرجع الفضل في هذا الحادث العجيب إلى كون سكان هذه المنطقة يستهلكون الزيتون وزيت الزيتون بكثرة، وحيث أجريت بعض الأبحاث التي تبين أن الأحماض الدهنية الغير المشبعة، الأحادية أو المتعددة هي المسؤولة عن الوقاية من الإصابة بهذه الأمراض. وهذه الأحماض الموجودة في زيت الزيتون هي من فئة 3 أو ما يسمى بالحمضيات الغير المشبعة المتعددة وهي الأحماض التي تؤثر على وظيفة الصفائح الدموية وهي المكونات المسؤولة عن تصلب الشرايين .
والمعروف في الميدان الطبي فيما يخص أسباب الإصابة بتصلب الشرايين على الخصوص، أن الكوليسترول هو المركب المسؤول عن هذه الإصابات. والكوليسترول يوجد على شكلين: الكوليسترول الخفيف LDL والكوليسترول الثقيل HDL ، ويعتبر هذا الأخير نافعا بينما يعتبر الأول ضارا. ويودي وجود الكوليسترول الثقيل بنسبة مرتفعة في الدم إلى الإصابة بتصلب الشرايين الذي يؤدي إلى ضيق أو انسداد الشرايين وضعف جريان الدم. ويساعد على هذا الحادث وجود دهنيات مشبعة وهي الدهنيات الحيوانية في الغذاء، ويرتفع هذا المرض في الدول الغربية حيث تمثل الحمضيات من نوع حمض اللوريك وحمض الميريستيك وحمض البالميتيك من 60 إلى 70 % من الأحماض الذهنية المستهلكة. وتوجد هذه الأحماض في الدهنيات الصلبة مثل الزبدة والشحم الحيواني.
2. أن سكان المناطق الثلجية (القطب) أو الإسكيمو لا يصابون ولا يعرفون أمراض القلب والشرايين، وقد فسر الباحثون هذا الحدث باستهلاك هؤلاء السكان للأسماك التي تحتوي على حمضيات ذهنية تحول دون الإصابة بأمراض القلب والشرايين، وهذه الأحماض تكون من فئة الأحماض الغير المشبعة المتعددة من نوع n-6 أو ما يسمى ب PIFA (Poly Insaturated Fatty Acids) Omega 6 وهي كذلك حمضيات تؤثر على وظيفة الصفائح الدموية وهي المكونات الدموية المسـؤولة عن تصلب الشرايين، وتعمل الحمضيات الغير المشبعة n-6 نفس العمل الذي تعمله الحمضيات الدهنية من فئة n-3 الموجودة في زيت الزيتون.
ومن جهة أخرى فإن التدقيقات التي توصلت إليها الأبحاث الميدانية إلى حد الآن، لا يمكن حصرها ولا حتى ذكرها لتعدد المواضيع والنتائج. فأهم هذه النتائج أن الحمضيات الغير المشبعة إما الأحادية أو الثنائية أو الثلاثية تحول دون تأكسد الكوليسترول الخفيف أو الليبوبروتينات الخفيفة LDL، وهذا التأكسد هو الذي يتسبب في وقوع التصلب داخل الشرايين، وتكون الوقاية ضد التأكسد عالية بالنسبة للحمضيات الغير المشبعة المتعددة بالمقارنة مع الحمضيات الأحادية.
وتعتبر زيتون مند القدم أحسن مطهر ومريح للجلد، وأحسن مرطب للشعر وأحسن واقي من أشعة الشمس وأحسن مطهر ومضمد للجراح. وبالنسبة للجروح بما في ذلك جروح العمليات وفاستعمال زيت الزيتون يعتبر من أحسن ما يمكن أن يستعمله الإنسان.
التركيب الكيماوي للزيتون (جدول 2)
يكاد يشكل زيت الزيتون المكون الأساسي لثمار الزيتون. ويقترن الزيتون بالزيت أكثر ما يقترن بالثمار. ونعتبر تركيبة زيت الزيتون تركيبة ربانية تستحق التذكير والعناية وتستحق التدبر والتفكر، وما ذا يجدي هذا التدبر إذا لم ينفع البشرية، فالعبرة في القرآن وليست في النتائج العلمية ويجب ألا تعزى أمور دنيانا إلى العلوم، خصوصا في الوقت الحاضر الذي أصبحت فيه العلوم تستعمل كسلاح. ولا يهمنا ما ينتشر في البلدان الغربية من نتائج علمية فلا نحتاجها بل هم اللذين يحتاجون الحقيقة المطلقة من القرآن فهم التائهون وليس نحن. وهذا النهج هو الذي يجب أن يتبعه أصحاب الإعجاز العلمي. وأصبحنا نرى أن كل علماء المسلمين يتسابقون للإتيان بنتائج الأبحاث المنشورة في البلدان الغربية ليزكوا بها حقائق قرآنية فهذا المنحى سيكون خطيرا وهو الآن يبين تدبدب الباحثين المسلمين.
جدول رقم 2 : التركيبة الكيميائية لزيت الزيتون
المواد الدهنية
99 %
فيتامين E
150 مغ / كغ
فيتامين أ
-
المواد الدهنية المشبعة
من 8 إلى 25 %
حمض أولييك
من 55 إلى 80 %
حمض لينولينيك
من 0.5 إلى 1.5 %
حمض لينولييك
من 3.5 إلى 21 %
البوليفونولات (مغ / اللتر)
هايدروكسيتيروزول
27.3
تيروزول
21.4
3,4 dihydroxyphenylacetic حمض
1.3
P- hydroxyphenylacetic حمض
44.5
P- hydroxybenzoic حمض
2.6
حمض الفانيليك
6.8
حمض الكافييك
0.7
حمض الكومريك
4.4
حمض الفريليك
3.2
فانيلين
6.3
الألوروبيين
259.3
1. المركبات الأساسية
تتكون حبوب الزيتون من فواكه بحجم صغير بالمقارنة مع فواكه الأشجار الأخرى كالمشمش والبرقوق، وهي تقترب حجما من التمور والعنب، ولكن هذه الفواكه لا تؤكل مباشرة مثل ما تؤكل الفواكه الأخرى وإنما تمر من مراحل التخمر لتصبح جاهزة للأكل، ولو أمكن تناولها مباشرة لكان خيرا لكن المذاق المر لا يتحمله الإنسان. وتستعمل حبوب الزيتون لاستخراج الزيت وأخرى تخص الأكل وليس هناك ما يدعو إلى العزل إلا الحجم. وربما تأتي عملية استخراج الزيت بعد اختيار الحبوب التي تخمر.
وثمار الزيتون عبارة عن حبوب تتكون من جزئين اللب والنواة ويمثل القسم الأول من 94.5 إلى 98 % والقسم الثاني أو النواة من 2 إلى 5.5 % بالنسبة للمواد الجافة وتحتوي النواة على قسمين القشرة الداخلية واللوزة. أما فيما يخص المركبات الكيماوية فالزيتون لا يحتوي على سكريات كثيرة كما هو الشأن للثمار الأخرى ويصل مستوى السكريات إلى ما بين 2 و 5 % بينما يصل معدل السكر في الثمار الأخرى إلى 12 %. كما يتميز الزيتون بنسبة عالية من الدهنيات بالمقارنة مع الثمار الأخرى التي تنعدم فيها الدهنيات. وما يميز ثمار الزيتون هو وجود كليزيدات تعطي المذاق المر والتي لا توجد إلا في الزيتون مثل مكون الألوربيين، وتوجد الدهنيات في اللب الداخلي على القشرة كما توجد الألياف الخشبية في النواة أو الغلاف الخشبي للوزة. ولا شك أن العناصر الغذائية متوفرة في الزيتون ولو أن المركبات الثانوية هي التي تلعب الدور الطبي في المهمة. ويصل مستوى البروتينات إلى ما بين 9.6 و 10.5 % في القشرة الخارجية واللب. تصل الأملاح المعدنية إلى 2.3 % في اللب وهذه المكونات هي ذات أهمية قصوى خصوصا إذا علمنا أم زيت الزيتون غنية بالفيتامينات والمركبات والحمضيات الذهنية الأساسية خصوصا الغير المشبعة.
2. المركبات الثانوية
الطوكوفيرولات
من المركبات الهامة التي يحتوي عليها زيت الزيتون نجد في الصف الأول الطوكوفيرولات وأشهرهاαTocopherol الذي يوجد بنسبة تصل إلى 43 مغ / 100غ من الزيت. ولا تزال الأبحاث جد متأخرة حول الدور أو المنافع التي تعزى لهذه المادة، ولا توجد الطوكوفيرولات الأخرى ومنها β و γ إلا على شكل أثر في الزيت.
البوليفونولات
توجد هذه المركبات في حبوب الزيتون أو اللب وأثناء العصر تنتقل هذه المركبات إلى الزيت، بتركيز ضعيف حسب الطريقة وحسب حدة الأسلوب المستعمل لاستخراج الزيت، وتشمل البوليفونولات مركبات كيماوية متعددة، ومنها البوليفونولات البسيطة وتشمل حمض الفانيليك، وحمض الغاليك وحمض الكوماريك وحمض الكافيك والتيروزول والهايدروكسيتروزول ويصل تركيز هذه المركبات في الزيت إلى 4.2 مغ في 100 غرام من الزيت الخامة و 0.47 مغ في 100 غرام من الزيت المصفى وتحتوي زيت الزيتون على مركبات أخرى كالأولوروبيين 2.8 مغ / 100 غرام والليكسروزيد 0.93 مغ /100 غرام كما تحتوي على مركبات أخرى كبيرة مثل الليكنان 4.15 / 100 غرام في الزيت الخامة و 0.73 مغ / 100 في الزيت المصفات وإلى جانب هذه المركبات نجد الفلافونويدات ومنها الأبيجيتين والليتيولين.
المركبات المنكهة
ويصل عدد المركبات التي تلعب دورا في نكهة ومذاق الزيت إلى 70 مركبا، وهي مركبات عديدة تكون غالبا على شكل أثر في الزيت، ولها قوة كبيرة في إعطاء المذاق والرائحة والنكهة للزيت، وتشمل عدة مجموعات من المواد الكيماوية المعروفة بخاصيتها النكهوية ( الكحولات العالية والسيطونات والإسترات والفيوران والمشتقات التيربينية والمركبات المنحدرة من حل بعض الحمضيات الغير المشبعة).
تعيش شجرة الزيتون حياة طويلة، حيث يمكن أن تعمر من 300 إلى 600 سنة، أو حتى أكثر من ذلك. وتبقى هذه الشجرة قادرة على النمو من جديد لتعطي شجرة جديدة ولو ماتت الساق والأغصان. يصل عدد أشجار الزيتون الموجودة اليوم فوق سطح الأرض إلى 800 مليون شجرة، تنتمي إلى 400 صنف مختلف منتشرة في أنحاء العالم. ومما يثير الإعجاب أكثر من الأعداد الضخمة لأشجار الزيتون هي النسمات الإلهية التي تفوح من أغصان هذه الشجرة.
أما فيما يخص الأبحاث الميدانية، فقد قمنا بدراسة هذا الماء الأحمر الذي يفصل عن الزيت (جدول رقم1)، والذي نسميه بالأنجليزية Olive mill waste water ، وهو إلى حد الآن يعتبر من المياه المستعملة أو المياه الملوثة، وهو طرح خاطئ. وقد درسنا أولا الخصائص الأحيائية لهذا الماء أو الصبغ، فتبين أن هذا الماء الذي يعبر عنه القرآن بالصبغ، خال من الجراثيم ، إلا بعض الباكتيريا اللبنية وبعض الخمائر والفطريات وهي جراثيم غير ضارة للإنسان، وبهذا فهو يمكن أن يبقى دون تحلل لعدة سنوات تقدر بالعشرات السنين. ودرسنا كذلك الخصائص الكابحة للجراثيم المضرة لهذا الماء أو الصبغ، وتبين أنه جد فعال في كبح نمو الجراثيم، وبهذه الخاصية يمكن أن يستعمل كمادة طبيعية لتحفيظ المواد الغذائية، بدل المضافات الكيماوية الصناعية الخطرة. ثم درسنا كذلك مدى أهميته على إبطال فعل بعض الأنزيمات، فتبين أن إبطال النشاط الأنزيمي كان واضحا جدا، ولا تزال الأبحاث في شأن هذا السائل سائرة في مختبرنا، إلى أن نتوصل إلى إيجاد أسلوب يجعله يستهلك مباشرة، أو يستعمل مع مواد سائلة أو صلبة والله الموفق.
فالمعروف عن شجرة الزيتون أنها تعطي الزيت، وهو أمر لا يحتاج إلى توضيح لغوي أو تدقيق علمي، لكن الصبغ الذي جاء في القرآن، والذي يستخرج من الزيتون مع الزيت أثناء العصر فليس معروفا، وهذا ما لفت نظرنا وقادنا إلى البحث الميداني حول حقيقة كل مشتقات الزيتون بما في ذلك الأوراق.
فلقد بدأت بعض الحقائق تظهر، لتبين أهمية هذه الكلمة من الناحية العلمية المحضة. فالصبغ الذي يتكلم عنه القرآن، هو الماء الأحمر الذي يفصل عن الزيت بالتحتيل، ويرمى مع المياه المستعملة. وقد اعتقد الباحثون في ميدان البيئة أنه جد ملوث، ويجب أن نعالجه، وتعددت الشركات التي تريد أن تعالج هذا الماء في البلدان المنتجة للزيتون، وازداد اهتمام بعض الباحثين بالموضوع. ويتكون هذا الماء الأحمر من صبغ كما جاء في القرآن، والصبغ يعني من الناحية اللغوية كل مادة تصبغ أو تعطي لونا لكل الأشياء التي تصيبها أو تختلط معها، ومن الناحية الكيماوية هي مركبات عضوية توجد في الزيتون، وتمتاز بخاصية تغيير لونها مع التأكسد والضوء، وتشمل هذه المواد كل من البوليفينولات (polyphénol) والمواد الدابغة (tanins) وبعض المواد الملونة الأخرى مثل الأنطوسيانات.(Antocyans) والمعروف عن هذه المركبات أنها تحول دون التأكسد Antioxydants) وهو شيء في غاية الأهمية بالنسبة للجسم. وتكون كذلك هذه المواد كابحة للجراثيم والأنزيمات، وتمتص الأوكسايجن ومزايا أخرى منها ما توصل إليه العلم ومنها ما يزال طور البحث. وعلى إثر هذه الأهمية تكونت جمعيات بدول أوروبا خصيصا لدراسة هذه المزايا.
والمعروف طبيا أن البوليفينولات والمواد الدابغة عموما، تصنف مع المواد المضادة للتأكسد، وهو ما يعطيها ميزة المواد الكابحة للسرطان عند الإنسان. وتكمن أهمية زيت الزيتون الطبية في هذه العوامل، علاوة على الحمضيات الغير المشبعة من فئة 18 كربون أو حمض الأولاييك واللينولانيك بالإضافة إلى الفيتامينات الذائبة في الدهون ومنها الطوكوفيرولات. ولا تزال الأبحاث قائمة في شأن مكونات زيت الزيتون، وهناك العديد من المختبرات التي تعمل الآن جادة على توضيح واكتشاف أهمية هذه الزيت، إلى درجة أنه أصبح يحمل اسم الذهب الأخضر في أوروبا وأمريكا.
ولا زلنا لم نتوصل بعد إلى استهلاك هذه المادة التي يتكلم عنها القرآن. لكن الذي نعلمه يقينا هو أن لها أهمية صحية كبيرة، وأن فيها نفع للإنسان. وقد بينها الله سبحانه وتعالى في هذه الآية. وجاء لفظ الصبغ كنكرة تامة، لأنه ليس المنتوج الأساسي لشجرة الزيتون، والمعلوم أن هذه الشجرة تعطي الزيت أو الدهن كمنتوج أساسي Product، والصبغ كمنتوج ثانوي By product، لكن ليس من حيث الأهمية وإنما من حيث الكمية. ويكون التفسير على هذا النحو: "وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين" أي بمعنى منتوج أساسي وهو الزيت للتغذية، ومنتوج ثانوي وهو الصبغ للمنفعة الصحية. ولذلك جاء الدهن معرفا بالألف واللام والصبغ نكرة تامة. فلا زلنا لا نأكل هذا الصبغ رغم أن الله سبحانه وتعالى يقول أنه للآكلين، ولو شاء الله لكان التعبير معرفا، ويكون صحيحا، "بالدهن والصبغ للآكلين" أو يكون نكرة تامة "بدهن وصبغ للآكلين" لكن التعبير القرآني جعل النسق اللغوي يطابق الحقيقة العلمية.