ما حكم أطواق البف ، والتي هي طوق بلاستيك يوضع تحت جزء من الشعر ثم يعاد الشعر عليه بحيث يوحي بكثافة الشعر وكثرته ، وهل يدخل في الوصل ؟ . ونسأل الله أن يكتب أجركم ، ويشكر سعيكم ، وأن ينفع بك الإسلام والمسلمين .
الجواب :
الحمد لله
" أطواق البف " – ويطلق عليها " أمشاط البف " : فهي تعمل على تكبير الرأس ، وتسمَّى العملية : " نفخ الشعَر " ، و " حشْو الشعَر " ، وحكمها : المنع والتحريم ، ودخول ذلك في وصل الشعر الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعلته ليس بعيداً .
عَنْ قَتَادَةَ عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا فَخَطَبَنَا فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ قَالَ : مَا كُنْتُ أَرَى أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ الْيَهُودِ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُ الزُّورَ - يَعْنِي : الْوَاصِلَةَ فِي الشَّعَرِ - . رواه البخاري ( 5594 ) ومسلم ( 2127 ) .
وزاد مسلم : قَالَ قَتَادَةُ : يَعْنِي : مَا يُكَثِّرُ بِهِ النِّسَاءُ أَشْعَارَهُنَّ مِنْ الْخِرَقِ .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
وهذا الحديث حجة للجمهور في منع وصل الشعر بشيءٍ آخر ، سواء كان شعراً أم لا ، ويؤيده : حديث جابر : ( زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة بشعرها شيئاً ) أخرجه مسلم ... .
ويستفاد من الزيادة في رواية قتادة : منع تكثير شعر الرأس بالخرَق ، كما لو كانت المرأة – مثلاً - قد تمزق شعرها ، فتضع عوضه خرقاً ، توهم أنها شعر .
" فتح الباري " ( 10 / 375 ) مختصراً .
وأما دخول استعمال الطوق في النهي الثاني – وهو جعل الرأس كأسنمة البخت - :
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ) رواه مسلم ( 2128 ) .
قال النووي – رحمه الله - :
ومعنى ( رؤوسهن كأسنمة البخت ) : أن يكبرنها ، ويعظمنها ، بلف عمامة ، أو عصابة ، أو نحوها .
" شرح مسلم " ( 14 / 110 ) .
وقال أبو العباس القرطبي – رحمه الله - :
وقوله : ( رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ) : أسنمة : جمع سنام ، وسنام كل شيء : أعلاه . والبخت : جمع بختية ، وهي نوع من الإبل عظام الأجسام ، عظام الأسنمة ، شبَّه رؤوسهن بها لما رفعن من ضفائر شعورهن أعلى أوساط رؤوسهن تزينًا ، وتصنعًا ، وقد يفعلن ذلك بما يكثرن به شعورهن .
" المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم " ( 5 / 450 ، 451 ) .
وقد سئل الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
ما حكم وضع شرائط في الشعر ، أو بكلات ، تزيد من حجم الرأس وتكبره ، وتزيد في طول الشعر ؟! .
ما حكم لبس بكلات أو شرائط فيها صور حيوانات أو آلات موسيقية ؟! .
فأجاب :
تكبير حجم الرأس بجمع الشعر بشرائط أو بكلات : لا يجوز ، سواء جمع الشعر أعلى الرأس ، أو بجانبه ، بحيث يصبح كأنه رأسان ، وقد جاء الوعيد الشديد في حق من يفعلن ذلك حتى تصبح رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، والبخت : نوع من الإبل له سنامان .
أما الشرائط التي لا تكبر حكم الرأس ، ويحتاج إليها لإصلاح الشعر : فلا بأس بها عند بعض العلماء .
قال في شرح " الزاد " : " ولا بأس بوصله بقرامل " .
أقول : والقرامل هي ما تشده المرأة في شعرها من حرير أو غيره من غير الشعر ، وترك ذلك أفضل ؛ خروجًا من الخلاف ؛ لأن بعض العلماء يمنع من ذلك كله .
وأما إذا كانت الشرائط أو البكلات على صور حيوانات أو آلات موسيقية : فإنها لا تجوز ؛ لأن الصور يحرم استعمالها في لباس وغيره ، ما عدا الصور التي تداس وتمتهن في الفرش والبسط ، وآلات اللهو يجب إتلافها ، وفي استعمال الشرائط والبكلات التي على صور آلات اللهو : ترويج لآلات اللهو ، ودعوة إلى استعمالها ، وتذكير بها .
هل يجب على الحامل أن تصوم رمضان وعاشوراء ؟
نصحت زوجتي بأن لا تصوم خلال رمضان وهي لم تفعل لأنها كانت حاملاً ، كانت ضعيفة ولديها فقر دم أثناء الحمل .
أجهضت في نهاية رمضان وهي في الأسبوع الثاني عشر( الشهر الثالث) ، فما هو الحكم بالنسبة للأيام التي أفطرت فيها من رمضان ؟ هل يجب أن تقضيهما قبل رمضان القادم ؟
هل يمكن أن تصوم كالمعتاد إذا كانت حامل ؟
تصر دائماً على الصيام أثناء الحمل ، أي إثبات طبي أن الصيام لن يؤذي الجنين أثناء الحمل سيساعد في هذا .
الحمد لله
وبعد : فهذا السؤال يتضمن ثلاثة أمور:
الأول : حكم إفطار الحامل في رمضان . الثاني : ما يترتب على الإجهاض في رمضان . الثالث : حكم القضاء بعد رمضان .
ـ فأما بالنسبة للحامل : فيَجُوزُ لها أَنْ تُفْطِرَ إنْ خَافَتْ ضَرَرًا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى نَفْسِهَا أو على نفسها وَوَلَدِهَا , وَيَجِبُ ذَلِكَ إذَا خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى , وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ بِلا فِدْيَةٍ , وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ . لقوله تعالى : " ولا تقتلوا أنفسكم " وقوله : " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " . وَاتَّفَقُوا كَذَلِكَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ في هذه الحال ; لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ .
وإن خافت على جنينها فقط ؛ فذهب بعض العلماء إلى : أنه يجوز لها الفطر ، ويلزمها القضاء والفدية ( وهي إطعام مسكين عن كل يوم) . لِمَا ورد َ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه في قوله تعالى : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } قَالَ : كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا قَالَ أَبُو دَاوُد يَعْنِي عَلَى أَوْلادِهِمَا أَفْطَرَتَا ( أخرجه أبو داود 1947 ) وصححه الألباني في الإرواء ( 4 / 18 ، 25 ) .
(انظر الموسوعة الفقهية 16 / 272 )
وبهذا يتضح أن المرأة إذا كان صيامها سيضرها أو يضر جنينها هذا الضرر البالغ فيجب عليها الفطر ، على أن يكون الطبيب الذي يقرر الضرر طبيبا موثوقا في قوله .
ـ هذا فيما يتعلق بالفطر في رمضان . وأما عاشوراء فصيامه ليس بواجب بالإجماع بل هو مستحب . ولا يجوز للمرأة أن تصوم النافلة وزوجها حاضر إلا بإذنه وإذا منعها من الصوم لزمها طاعته وخصوصاً إذا كان في ذلك مصلحة للجنين .
ـ وأما بالنسبة للإجهاض : " فإذا كان الواقع كما ذكرت من إسقاطها الحمل في الشهر الثالث من حملها ، فلا يعتبر الدم الذي يخرج منها دم نفاس , بل هو دم استحاضة ، لأن ما نزل منها إنما هو علقة لا يتبين فيها خلق آدمي ، وعلى ذلك فإنها تصلي وتصوم ولو كانت ترى الدم ، لكن تتوضأ لكل صلاة ، وعليها أن تقضي ما أفطرته من أيام ، وما تركته من صلوات . " ( انظر فتاوى اللجنة الدائمة 10 / 218 )
ـ وأما قضاء ما فاتها من أيام : " فيلزم كل من عليه أيام من رمضان أن يقضيها قبل رمضان القادم ، وله أن يؤخر القضاء إلى شعبان ، فإن جاء رمضان الثاني ولم يقضها من غير عذر أثم بذلك ، وعليه القضاء مستقبلاً مع إطعام مسكين عن كل يوم ، كما أفتى بذلك جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومقدار الطعام نصف صاع عن كل يوم من قوت البلد ، يدفع لبعض المساكين ولو واحداً . أما إن كان معذوراً في التأخير لمرض أو سفر فعليه القضاء فقط ، ولا إطعام عليه ، لعموم قوله سبحانه : ( ومن كان مريضاً أو على سفر فعدّة من أيام أخر ) والله الموفق " . ( فتاوى الشيخ ابن باز 15 /340 ).